الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.مقتل ابن حرميل ثم استيلاء خوارزم شاه على هراة. كان ابن حرميل قد تنكر لعسكر خوارزم شاه الذين كانوا عنده بهراة لسوء سيرتهم فلما عبر خوارزم شاه جيحون واشتغل بقتال الخطا قبض ابن حرميل على العسكر وحبسهم وبعث إلى خوارزم شاه يعتذر ويشكو من فعلهم فكتب إليه يستحسن فعله ويأمره بانفاذ ذلك العسكر إليه ينتفع بهم في قتال الخطا وكتب إلى جلدك بن طغرل صاحب الجام أن يسير إليه بهراة ثقة بفعله وحسن سريرته واعلم ابن حرميل بذلك ودس إلى جلدك بالتحيل على ابن حرميل بكل وجه والقبض عليه فسار في ألفى مقاتل وكان يهوي ولاية هراة لأن أباه طغرل كان واليا بها لسنجر فلما قارب هراة أمر ابن حرميل الناس بالخروج لتلقيه وخرج هو في اثرهم بعد أن أشار عليه وزيره خواجا الصاحب فلم يقبل فلما التقى جلدك وابن حرميل ترجلا عن فرسيهما للسلام وأحاط أصحاب جلدك بابن حرميل وقبضوا عليه وانهزم أصحابه إلى المدينة فأغلق الوزير خواجا الابواب واستعد للحصار وأظهر دعوة غياث الدين محمود وجاء جلدك فناداه من السور وتهدده بقتل ابن حرميل وجاء بابن حرميل حتى أمره بتسليم البلد لجلدك فأبي وأساء الرد عليه وعلى جلدك فقتل ابن حرميل وكتب إلى خوارزم شاه بالخبر فبعث خوارزم شاه إلى كزلك خان نائب نيسابور وإلى أمين الدين أبي بكر نائب زوزن بالمسير إلى جلدك وحصار هراة معه فسار لذلك في عشرة آلاف فارس وحاصروها فامتنعت وكان خلال ذلك ما قدمناه من انهزام خوارزم شاه أمام الخطا وأسرهم إياه ثم تخلص ولحق بخوارزم ثم جاء إلى نيسابور ولحق بالعساكر الذين يحاصرون هراة فأحسن إلى أمرائهم لصبرهم وبعث إلى الوزير خواجا في تسليم البلد لأنه كان يعد عسكره بذلك حين وصوله فامتنع وأساء الرد فشد خوارزم في حصاره وضجر أهل المدينة وجهدهم الحصار وتحدثوا في الثورة فبعث جماعة من الجند للقبض عليه فثاروا بالبلد وشعر جماعة العسكر من خارج بذلك فرجعوا إلى السور واقتحموا وملك البلد عنوة وجيء بالوزير أسيرا إلى خوارزم شاه فأمر بقتله فقتل وكان ذلك سنة خمس وستمائة وولى على هراة خاله أمير ملك وعاد وقد استقر له أمر خراسان..استيلاء خوارزم شاه على بيروزكوه وسائر بلاد خراسان. لما ملك خوارزم شاه هراة وولى عليها خاله أمير ملك وعاد إلى خوارزم بعث الى أمير ملك يأمره بيروزكوه وكان بها غياث الدين محمود بن غياث الدين وقد لحق به أخوه علي شاه وأقام عنده فسار أمير ملك وبعث إليه محمود بطاعته ونزل إليه فقبض عليه أمير ملك وعلى علي شاه أخي خوارزم شاه وقتلهما جميعا سنة خمس وستمائة وصارت خراسان كلها لخوارزم شاه محمد بن تكش وانقرض أمر الغورية وكانت دولتهم من أعظم الدول وأحسنها والله تعالى ولى التوفيق..هزيمة الخطا. ولما استقر أمر خراسان لخوارزم شاه واستنغر وعبر نهر جيحون وسار إليه الخطا وقد احتفلوا للقائه وملكهم يومئذ طانيكوه ابن مائة سنة ونحوها وكان مظفرا مجربا بصيرا بالحرب واجتمع خوارزم شاه وصاحب سمرقند وبخارى وتراجعوا سنة ست وستمائة ووقعت بينهم حروب لم يعهد مثلها ثم انهزم الخطا وأخذ فيهم القتل كل مأخذ وأسر ملكهم طانيكوه فأكرمه خوارزم شاه وأجلسه معه على سريره وبعث به إلى خوارزم وسار هو إلى وراء النهر وملكها مدينة مدينة إلى أوركند وأنزل نوابه فيها وعاد إلى خوارزم ومعه صاحب سمرقند فأصهر إليه خوارزم شاه بأخته ورده إلى سمرقند وبعث معه شحنة يكون بسمرقند على ما كان أيام الخطا والله تعالى يؤيد بنصره من يشاء..انتقاض صاحب سمرقند. ولما عاد صاحب سمرقند إلى بلده أقام شحنة خوارزم شاه وعسكره معه نحوا من سنة ثم استقبح سيرتهم وتنكر لهم وأمر أهل البلاد فثاروا بهم وقتلوهم في كل مذهب وهم بقتل زوجته أخت خوارزم شاه فغلقت الأبواب دونه واسترحمته فتركها وبعث إلى ملك الخطا بالطاعة وبلغ الخبر إلى خوارزم شاه فامتعض وهم بقتل من في بلده من أهل سمرقند ثم انثنى عن ذلك وأمر عساكره بالتوجه إلى ما وراء النهر فخرجوا أرسالا وهو في أثرهم وعبر بهم النهر ونزل على سمرقند وحاصرها ونصب عليها الآلات وملكها عنوة واستباحها ثلاثا قتل فيها نحوا من مأتي ألف واعتصم صاحبها بالقلعة ثم حاصرها وملكها عنوة وقتل صاحبها صبرا في جماعة من أقرانه ومحا آثار الخانية وأنزل في سائر البلاد وراء النهر نوابه وعاد إلى خوارزم والله تعالى ولى النصر بمنه وفضله.
|